فصل: هدى شعراوي ت 1947م:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.خريجات البيوت العميلة في موكب الرذيلة:

ارتبطت الأحزاب النسائية في الشرق على اختلاف أسمائها بعجلة الاستعمار منذ أول يوم من نشأتها وقامت بتزعم هذه الأحزاب نسوة لا نستطيع تفسير نشاطهن ضد الآداب والأحكام الإسلامية إلا بإلقاء بعض الضوء حسبما تسمح هذه العجالة على الخلفيات والبيئات التي نشأن فيها وبالتالي خرجت منهن زعيمات مقلدات للغرب بل ومنفذات لخططه في تدمير الأسرة المسلمة وانخدع بهن كثير من المسلمات وانقدن وراء دعوتهن.
أعمى يقود بصيرًا لا أبا لكم ** قد ضل من كانت العميان تهديه

.صفية زغلول:

زوجة الزعيم سعد زغلول وابنة مصطفى فهمي رئيس الوزراء التركي الأصل الذي كانت سياسته تمثل الخضوع التام للاحتلال الإنكليزي وهو أشهر صديق للإنكليز عرفته مصر في تاريخ الاحتلال الإنكليزي من أوله إلى آخره، ولم يكن من أنصار الاحتلال فحسب بل كان من المخلصين له العاملين على تحقيق مآربه مما دفع الخديوي عباس إلى إقصائه عن رئاسة الوزارة سنة 1893م فحدثت أزمة مع كرومر انتهت بتأليف الوزارة الطويلة برئاسة مصطفى فهمي ثانية والتي حكمت مصر بالحديد والنار لمدة ثلاثة عشر عامًا خضوعًا للاحتلال الإنكليزي، وقد حرصت أن تستأثر بالزعامة السياسية فأرادت أن تفتح مجالًا جديدًا تنفرد فيه بالزعامة فكان ذلك هو مجال المرأة خاصة.
وقد ذكرنا آنفًا دورها في سن فتنة السفور إلى جانب أنها تزعمت مع هدى شعراوي أول مظاهرة نسائية سنة 1919م.

.هدى شعراوي ت 1947م:

هي نور الهدى بنت محمد سلطان باشا- التي تسمت فيما بعد على الطريقة الأوربية بهدى شعراوي إلحاقًا لها باسم زوجها على باشا شعراوي بواسطة حرم حسين باشا رشدي الفرنسية وقد اعترفت هدى شعراوي بنفسها في مواضع كثيرة من مذكراتها بفضل هذه السيدة عليها وأبوها محمد سلطان باشا الذي كان يرافق جيش الاحتلال الإنكليزي في زحفه على العاصمة والذي كان يدعو الأمة إلى استقباله وعدم مقاومته ويهيب بها علانية أن تقدم له كافة المعاونات والمساعدات وقد سجل التاريخ فوق هذه الصفحة السوداء صفحة أخرى أشد سوادًا حينما تقدم هذا الخائن مع فريق من الكبراء بهدية من الأسلحة الفاخرة إلى قادة جيش الاحتلال شكرًا لهم على إنقاذ البلاد.. وهكذا لم يكن عجبًا أن يفرض الاحتلال على الخديوي أن يمنح أمثال هذا الخائن عشرة آلاف من الجنيهات الذهبية اعترافًا من بريطانيا له بالجميل.. ليس هذا فحسب بل لقد أنعمت عليه انجلترا بنيشان سان ميشيل وسان جورج الذي يلقب حامله بلقب سير وهي زوجة علي شعراوي باشا ابن عمتها وتلميذ محمد عبده ورفيق سعد زغلول وعبد العزيز فهمي أصدقاء الإنكليز والصديق الوفي للطفي السيد وأحد أعضاء حزب الأمة الذين أطلق عليهم الإنكليز اسم الرجال المعتدلون لأنهم حاربوا في سبيل بريطانيا مصطفى كامل وناوأوه ووصفوه بالرجل العنيف وقد كان هذا الحزب المشبوه ينكر الجامعة الإسلامية ويحاربها داعيًا إلى وطنية تقوم على المصلحة المتبادلة والمنفعة المادية لا على الإسلام وهو الحزب الذي عرف فيما بعد باسم حزب الوفد والذي كان علي شعراوي نفسه وكيلًا له.
وهي أيضًا رفيقة صفية زغلول ابنة مصطفى فهمي تلقفتها جماعات تحرير المرأة في روما وأمستردام ومرسيليا واستانبول وباريس وبرلين وبروكسل وبودابست وكوبنهاجن وجنيف وحيدر أباد ونيو دلهي لتقود حركة تحطيم المرأة المسلمة في مصر.
وهي أيضًا تلميذة وفية لزوجة حسين رشدي باشا الفرنسية التي كانت هدى تكبرها وتفيض في ذكر مبررات إعجابها بها واتخاذها مثلها الأعلى فقالت: لم تكن تعني بظروفي وحالتي واسمي فقط وإنما كانت أيضًا تجتهد في تثقيفي في اللغة الفرنسية وكانت ترشدني إلى أثمن الكتب وأنفعها وكانت تناقشني فيما قرأت وتفسر لي ما يصعب عليّ فهمه وكانت تغذي عقلي وروحي بكل أنواع الجمال والكمال وتحتم عليّ حضور صالونها كل يوم سبت وتقول لي: أنت زهرة صالوني.
وكانت هذه المرأة الفرنسية الأصل التي أعدت هدى شعراوي إعدادًا خاصًا لمهمتها قد ألفت كتابين الأول بعنوان حريم ومسلمات مصر وكتاب المطلقات تعبر فيهما- على حد قولها- عن مدى الألم والتعاسة التي تعانيها من أجل تعاسة المصرية وظلم الرجل لها.
وكانت على صلة وثيقة بحركة تحرير المرأة المصرية كما كانت موضع إعجاب النابهين في مصر من رواد هذه الحركة وعلى رأسهم الشيخ محمد عبده وسعد زغلول وقاسم أمين الذي كانت تعجب به كثيرًا وتأسف لعدم تقدير المصريين له التقدير اللائق برسالته وكانت كثيرًا ما تقص على صفيتها هدى شعراوي ما كان يدور بينها وبين هؤلاء الثلاثة الكبار من حديث تشعل به كيانها وتدفعها إلى التطلع إلى تحسين أحوال المرأة المصرية والسير بحركتها إلى الأمام.
وكانت كثيرًا ما تحدث هدى شعراوي حول البحث عن الطريقة العملية المجدية للوصول إلى تحسين حال المرأة المصرية والترفيه عنها وكانت توجهها إلى أن تبدأ مشروعها بتوجيه المرأة المصرية إلى ممارسة الرياضة البدنية أولًا قبل تنبيهها إلى خوض الحياة الاجتماعية وترغيبها في دراسة الفنون والآداب وعقد اجتماعات تجمع بين الرياضة الفكرية والرياضة البدنية وكذا إعداد ملعب للتنس في حديقة مصطفى رياض باشا.
قالت وداد السكاكيني في ترجمة هدى شعراوي: وقد توقد فيها الذكاء والإباء فتأبت على هذه التقاليد التي كانت تضطر نظائرها من بنات الصعيد إلى التزام الحجاب والبعد عن السياسة ولو كانت تدار من بيوتهن.
وقالت: لما عادت هدى شعراوي للمرة الأولى من الغرب كانت تفكر في هذه التقاليد الموروثة التي لا تسمح لها بالظهور سافرة في بلادها فثارت عليها وما كادت تطل على الإسكندرية حتى ألقت الحجاب جانبًا ودخلت مصر مع صديقتها سيزا نبراوي بدون نقاب فلقيتا من جراء هذا السبق بالسفور لغطًا وتعنتًا من المتزمتين ولم يكن هذا الأمر من رائدة النهضة النسوية بدعًا أو خروجًا على الحشمة والوقار بل كان منها سلوكًا مثاليًا في السفور السليم؟! واستنكارًا للانحراف والتبرج! اللذين ظهرت فيهما بعض السافرات المتطرفات. اهـ.
تقول درية شفيق:
وقد شجعت هدى عددًا من الفتيات على السفر إلى أوربة كي تعود الطالبات حاملات إلى الوطن عناصر الثقافية الغربية ومثلها العليا في الحياة الاجتماعية.
كانت هدى لا تزال تفكر في النظرة التي تقابل بها المصرية كلما سافرت إلى أوربا إن القوم هناك يسخرون من ذلك الحجاب الذي يغطي وجوه المصريات حتى إنهم كانوا- إذ يرون هدى شعراوي وزميلاتها بلا يشامك ولا براقع- يشككون في مصريتهن وفي ذلك المؤتمر الأخير بالذات كانت مندوبات الدول المختلفة ينكرن على هدى مصريتها ولا يكدن يعترفن إلا بمصرية واحدة كانت تصر على حضور تلك المؤتمرات محجبة لا تكشف شيئًا من وجهها وهي السيدة نبوية موسى. اهـ.
تقول: هدى شعراوي في حديث لها: و.. ورفعنا النقاب أنا وسكيرتيرتي سيزا نبراوي وقرأنا الفاتحة ثم خطونا على سلم الباخرة مكشوفتي الوجه وتلفتنا لنرى تأثير الوجه الذي يبدو سافرًا لأول مرة بين الجموع فلم نجد له تأثيرًا أبدًا لأن كل الناس كانوا متوجهين نحو سعد متشوقين إلى طلعته. اهـ.
وقد دفعت بعد ذلك مباشرة ثمن جرأتها ورأت تأثير الوجه السافر حينما واجهتها هي وزميلاتها كثير من التعليقات الساخرة كلما سرن في الطريق وعرضن أنفسهن حتى للعبارات النابية والصفات المؤذية.
كانت في هذه الرحلة تستقل الباخرة التي يعود عليها سعد زغلول من فرنسا بعد استشفائه.
وقد ذكرت صافي ناز كاظم أن هدى شعراوي وسيزا نبراوي ألقتا حجابهما وداستاه بأقدامهما فور وصولهما من مؤتمر النساء الدولي الذي عقد بروما صيف 1923م. اهـ. من مسألة السفور والحجاب.
وهذه الزعيمة هي التي قادت مع زوجة الزعيم سعد المظاهرة النسائية المشهورة سنة 1919 تقول في مذكراتها:
وبينما كنت أتأهب لمغادرة منزلي في ذلك اليوم للاشتراك في المظاهرة بادرني زوجي بالسؤال: إلى أين تذهبين والرصاص يدوي ويتساقط في أنحاء المدينة؟
فأجبت: للقيام بالمظاهرة التي قررتها اللجنة!!
فأراد أن يمنعني فقلت له: هل الوطنية مقصورة عليكم معشر الرجال فقط وليس للنساء نصيب فيها؟
فأجابني: هل يرضيك إذا تحرش بكن الإنجليز أن يفزع بعض النساء ويولولن: يا أمي... يا لهوتي!!.
فقلت له إن النساء لسن أقل منكم شجاعة ولا غيرة قومية أيها الرجال وتركته وانصرفت لألحق بالسيدات اللاتي كن في انتظاري.
في ذمة الفضلى هدى ** جيل إلى هاد فقير

أقبلن يسألن الحضارة ** ما يفيد وما يضير

ما السبل بينه ولا ** كل الهداة بها بصير

وتقول وداد السكاكيني:
وكانت هدى اليد اليمنى لصفية زغلول والمفكرة المتحررة لنسوة الطليعة الواعية بمصر والبلاد العربية وقد استجابت لدعوة المؤتمرات النسوية في الشرق والغرب فلما عقد أول مؤتمر دولي للمرأة في روما عام 1923 م حضرته هدى شعراوي مع نبوية موسى وسيزا نبراوي صديقتها وأمينة سرها.. وقد توالت بعدئذ رحلات هدى شعراوي للشرق والغرب ممثلة نساء بلادها رافعة علمها بين أعلام الدول الوافدات على المؤتمر. اهـ.
لقاء هدى وموسوليني:
قالت هدى في مذكراتها:
كان من بين ما حققه مؤتمر روما الدولي أننا التقينا بالسنيور موسوليني ثلاث مرات وقد استقبلنا وصافح أعضاء المؤتمر واحدة واحدة وعندما جاء دوري وقدمت إليه كرئيسة وفد مصر عبر عن جميل عواطفه ومشاعره نحو مصر وقال إنه يراقب باهتمام حركات التحرير في مصر، ثم كررت رجائي الخاص بمنح المرأة الإيطالية حقوقها السياسية. اهـ.
ولما عادت هدى من مؤتمر الاتحاد النسائي الدولي المذكور كونت الاتحاد النسائي المصري سنة 1923 ووضعت الحجر الأساسي له في إبريل 1924م وبطبيعة الحال عمل ذلك الاتحاد بقيادتها لتحقيق الأهداف التي حرص الاستعمار على الوصول إليها وردد نفس المبادئ التي نادى بها من قبل مرقص فهمي ونقلها عنه قاسم أمين وفي مقدمتها تعديل قوانين الطلاق ومنع تعدد الزوجات علاوة على المطالبة للمرأة بالحقوق الاجتماعية والسياسية المزعومة التي وصلت أخيرًا إلى حد المطالبة بالمساواة في الميراث.